«المنزع العقلي في الأدب العربي القديم» في الإمتاع والمؤانسة والمقابسات للتوحيدي
- البناء الفتي: يتعلق أساسا بخصائص الحجاج
1- أشكال المحاورات الحجاجيّة:
أ. الحجاج القائم على المناظرة: وهي التي يسعى فيها كل
طرف من تخصص علمي ما إلى الظهور على خصمه بتعداد فضائله والطعن في دلائل مناظره،
من ذلك
المناظرة بين متى وأبي سعيد السيرافي حول المفاضلة بين المنطق
والتحو بعد طلب من الوزير: "ألا يُنتدب منكم إنسان لمناظرة متى في حديث
المنطق ؟"، وممّا جاء من طعن السيرافي على متى
قوله: "أخطأت، لأن صحيح الكلام من سقيمه يُعرف بالنظم المألوف والإعراب
المعروف"، ونحوها
كذلك في المفاضلة بين البلاغة والحساب.
ب- الحجاج القائم على الأخبار والاستخبارثمّ المسايرة:
وتكون بمسألة يطرحها الوزير على التوحيدي، ومن أمثلته سؤاله: "من أين دخلت
الأفة على أصحاب
المذاهب حتى افترقوا" فيجيبه التوحيدي ويحتج له حتى
يوافقه أخيرا بقوله: "هذا صحيح ولا دافع له"
ج- الحجاج القائم على التحض والدعم: وذلك بالإبانة عن
وجوه الخطا في طرج يرفضه المحاج، ومن نماذج ذلك دحض التوحيدي لطرح الوزير الذي ضاق
صدره بالغيظ لما يبلغه من خوض العامة في أخباره حتى كاد
يهم "بقطع ألسنة وأيد وأرجل وتنكيل شديد"، حتى أوقفه التوحيدي على وجوه
الزلل
في موقفه: "ليس ينبغي لمن كان الله عز وجل جعله
سائس النّاس .. أن يضجر ممّا يبلغه عنهم أو عن واحد منهم لأسباب كثيرة"
د- الحجاج القائم على المقارنة المتوازنة: من ذلك في
الاحتجاج لفضائل كل من الفلسفة والشريعة، فليس الغرض منه إظهار أحدهما على الآخر
أو المفاضلة
بينهما، إنّما إظهار الفروق بينهما، فمن ذلك أن:
"الفلسفة حق لكنها ليست من الشريعة في شيء، والشريعة حق لكنها ليست من
الفلسفة في شيء".
ويقرب من مثل هذا مقارنه بين أهل الجبر وأهل الاختبار
التي انتهى منها إلى أن "الاختلاف لا يرتفع بهذا القول والوصف لأنه ليس لكل
أحد
الوصول إلى هذه الغاية".
2- ضروب الحجج
حجج السلطة: وهي حجج ذات مرجعيّات تحظى بقبول جمعي وتعزز
الإقناع، وأهمها: ه
حجة الأحكام المشتركة: هي الأحكام المتداولة التي تسري
بين النّاس اعتقادا راسخا وحقائق مطلقة
م في تعليل التوحيدي امتناعه عن التصدي للعامّة بأنها لا
تقدر حق العالم وفضله، لذا فالتصدي للعامّة حُلوقة". وهذا من الأحكام الشائعة
بين الناس،
أن العامة جهلة والخاصة عالمة ولا يجب للخاضة النزول إلى
مراتب العامة في ضعتهم، بغض النظر عن صواب هذا الحكم أو خطئه.
/ حجة أهل الكفاءة والسلطان: هم الجماعات التي تحظى
بإجماع وتمتع بتنقذ وسلطة معنوية قوية
- اعتماد التوحيدي على أبي سليمان بكثرة نظرا لكونه
حجة في عصره، وأحيانا يقتصر عليه في الجواب عن مسألة تُعرض عليه: "قلتُ: أمّا
أبو سليمان فإنه
قال في هذه الأيام .."
حجة الكتب المقدّسة: هي التي تستند إلى نصوص تلقى تقديسا
جمعيّا عند المؤمنين بها.
- من ذلك الاحتجاج بالقرآن في عديد المناظرات.
حجة المنطق: وهي الحجة التي تحتكم إلى أساس يقبله العقل
لارتباط أسبابها بنتائجها ارتباطا وثيقا، وللمنطق منهجان
أ) الاستقراء: هو الانتقال من حقائق جزئيّة إلى حقائق
كليّة، ويتمّ عبر مقدّمة جزئيّة فمقذمة عامّة فتتيجة، ومثاله:
سقراط ماتسقراط إنسان كل إنسان يموت.
قوله في تجويز الخلاف بين المذاهب: "إن المذاهب
فروع الأديان، والأديان أصول المذاهب، فإذا ساغ الاختلاف بين الأديان وهي الأصول
لم لا يسوغ في
المذاهب وهي الفروع؟"
ب) الاستنباط: هو على ضد الاستقراء، انتقال من حقائق
عامة إلى حقائق جزئيّة، ومثاله:
كل إنسان يموت سقراط إنسان سقراط سيموت
- من ذلك احتجاج أبي سليمان في نسبيّة المعرفة،
فالحق "لم يصبه الناس في كل وجوهه، ولا أخطؤوه من كل وجوهه، بل أصاب منه كل
إنسان جهة"
حجة المماثلة / المقارنة: هي إحداث المماثلة بين الفكرة
المدعومة وبين فكرة أخرى تلقى قبولا قويًا.
" قوله في إقناع الوزير بالرفق بالرّعيّة:
"الملك والد كبير، كما أن الولد ملك صغير، وما يجب على الوالد في سياسة ولده
من الرفق به والحنو عليه والرقة له،
واجتلاب المنفعة إليه أكثر مما يجب على الولد في طاعة
والده". وكذلك في الحديث عن الإنسان والحيوان شبه التوحيدي إلهام النحل
بالإلهام
الإنساني
حجة الحد والتعريف: هي حدّ المفهوم بالخصائص المميزة له
لتبقين الخصم بمرجعيّة الطرح المتبني.
في تفضيل مئي للمنطق على النحو: "إنه ألة من آلات
الكلام يُعرف بها صحيح الكلام من سقيمه وفاسد المعنى من صالحه كالميزان"
* الحجة الواقعية/ التاريخيّة: هي الحجة المعتمدة
على التاريخ والتجربة، وأساسها الملاحظة الحسيّة
م في تفضيل المنطق والدفاع عنه رغم بياد اليونان:
"اليونان وإن بادت مع لغتها فإن الترجمة حفظت الأغراض وأدت المعاني وأخلصت
الحقائق". وكذا في
حتميّة الخلاف: "ألا ترى أن الاتفاق لم يحصل في
تفضيل أمة على أمة ولا في تفضيل بلد على بلد ولا في تقديم رجل على رجل"
حجة الدمج والضم: هي الجمع بين وقائع لم يكن لها اجتماع
في مبتدا تكوّنها ويسوقه المحاج في نظام مقولي لغوي صارم وقوي
نه من ذلك جمع السيرافي بين شيئين لا رابط بينهما وهما
الموزون ونوعه لأنه لا قيمة له في سياق إنكاره حدّ المنطق، وذلك في قوله:
"فاسد المعنى من صالحه
يُعرف بالعقل إذ كنا نبحث بالعقل، وهيك عرفت الراجح من
الناقص من طريق الوزن فمن لك بمعرفة الموزون أيّما هو حديد أو ذهب.."
* الحجة التفعيّة / البراغماتيّة: وهي التي تقوم على
كل ماهو مصلحي ومنفعي فيحصل بها تقويم عمل ما من جهة نتائجه سواء أكانت إيجابية أم
سلبيّة
د مثاله: "إن الطب ليس على هذا، بل التاظر فيه
والشادي منه والكامل من أهله يقصد بالطب استدامة الصحة ما دامت الصحة موجودة، وصرف
العلة
إذا كانت العلة عارضة"
3- الأساليب الحجاجيّة واللغويّة:
* الأسلوب الاستفهامي: تكثف حضوره في المسامرات،
وشمل الماهيات والكيفيّات والفروقات والأسباب: "ما الحُكم؟، ما المنطق؟ ما
الفرق بين الإرادة
والحياة؟ فكيف كان رضاه عن الملك في هذا القول ..."
* الأسلوب الاستقصائي: وذلك بالتتبع الدقيق المتحري
للفكرة، نحو سؤال الوزير ابن سعدان عن الفرق بين تفعال وتفعال فكان الجواب:
"المصادر كلها على
فعال بفتح التاء وإنّما تجيء تفعال بالتاء المكسورة في
الأسماء"
* الأسلوب التفصيلي: من ذلك أداة التفصيل «أمّا»:
"فأمّا من نظر إلى هذه الأحداث والكائنات والاختيارات والإرادات من ناحية
المباشرين الكاسبين ... فإنه
يعلقها بهم ويلصقها برقابهم". والعطف: من خلال
تكثيف الربط بالواو للجمع والاتساع: "وهذا يقول أمرت وعلمت وقيل لي وما أقول
شيئا من
تلقاء نفسي وهذا يقول رأيت ونظرت واستحسنت
واستقبحت". والريط كذلك ب «أو» التي تفيد امتناع الجمع: "هذا الأمر لا
يجوز أن يقابله ما
يدحضه أو يعترض عليه بما يحرّضه".
* الأسلوب البلاغي: من ذلك الازدواج: في قوله:
"الإنسان ذو قوة متقاصرة وموانع معترضة، وإنه مع هذه الأحوال منتبه بالحسن
عالم بالعقل عاشق للشاهد
ذاهل عن الغائب". والسجع: "لما اشتعلت
الدّائرة، واشتغلت الثائرة، صاح النّاس: النفير النفير ". والتشابيه:
"ومن عرى من العلم ولزم العمل
كان كخابط عشواء"
* الأسلوب الفلسفي: خاصة لدى توظيف مصطلحات فلسفيّة
"الرّوح، الحقيقة، الهيولي، الصورة، ، وكذلك عبر أسلوب التوليد المنطفي:
" كانت
المذاهب نتائج الآراء والأراء ثمرات العقول والعقول
منائح الله للعباد وهذه النتائج مختلفة بالصفاء والكدر والكمال والنقص وبالقلة
والكثرة
وبالخفاء والوضوح وجب أن يجري الأمر فيها على مناهج
الأديان في الاختلاف والافتراق"
* الأسلوب التقريري القائم على النفي والإثبات:
والنفي يُقصد به غالبا دحض الطرح المخالف، نحو تفضيل المنثور على المنظوم بقوله:
" ولا ينافي إلا بذاك
وليس كذلك المنظوم". وكذلك بأداة الإضراب «بل»:
"فإنّ الطب ليس على هذا، بل الناظر فيه ... يقصد بالطب استدامة الصحة"
* الأسلوب التضميني: وذلك بتبليغ الموقف ضمنيّا دون
الصدام مع المناظر لا سيما الوزير، وللضمنيات أساليبها نحو الاستدراك الذي يُؤتى
به بعد المسايرة
الظاهرة للوزير "ولكن قد يُظن بالرأي الذي سبق
إليه"، أو بالافتراض بلو التي تستدعي بها وضعيات لم تحصل لتعزيز الموقف
الراهن كقوله:
"لو قالت الرعيّة لسلطانها: لم لا نخوض في
حديثك ولا نبحث عن غيب أمرك ... ما كان جواب سلطانها وسانسها؟"
* الأسلوب التردي: تجاورت مؤانسات التوحيدي مع روح
التراث القصصي لألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة وبنيته، ذلك أنها تأثرت بنظام التقسيم
والتبويب
وتوليد الحكايات الفرعيّة من حكاية إطار وكذلك ثنائيّة
السند والمتن.
11- القضايا المطروحة:
1- سياسيّا:
7 استبداد الحكام وجورهم: في عزم الوزير ابن السعدان
على قمع العامة المتذمرة من ولايته: "إني لأهم بقطع ألسنة وأيد وأرجل وتنكيل
شديد لعل ذلك
يطرح الهيبة وبحسم المادة ويقطع هذه العادة".
، تجاهل شكاوى العامّة ونصائح العلماء: في
احتجاج العامة على الفتن والفوضى الدّاخليّة جرّاء هجوم الروم على المسلمين،
وإرسالهم علماء ليبلغوا الحاكم
مطالبهم: "وسارت جماعة إلى الكوفة ولحقت عز الدولة
في التصيّد وانتظرته فلمّا عاد قامت في وجهه واستأذنت في الوصول إليه على خلوة
وسكون
بالي وقلّة شغل فلم يلتفت إليهم ولا عاج عليهم وكان وافر
الحظ من سوء الأدب قليل التحاشي من أهل العلم والفضل".
عدل الحاكم وترفقهم بالرعيّة: مثله التوحيدي بسياسية
المعتضد وحرصه على تمتين صلته بالرعيّة في قوله: "إن الرعيّة وديعة الله عند
سلطانها ... وجه
صاحبك وليكن ذا خبرة ورفق حتى يعرف حال هذه الطائفة"
/ تخلي الخلفاء عن مسؤوليتهم في تتبع أحوال الرعيّة
وتوكيل ذلك إلى ولاة فاسدين: قول العامّة "لو كان لنا خليفة أو أمير أو ناظر
سانس لم يفض الأمر إلى
هذه القناعة"
/ انتشار الفتن السياسية والمؤامرات التي تطيح برؤوس
الدولة: طرح ذلك في قوله "كيف خبرك في الفتنة التي عرضت وانتشرت وتفاقمت
وتعاظمت"
/ فساد الحاشية: استشراء الفساد باللهث خلف الأطماع
والمصالح الذاتية وحبك الدسائس، وفي ذلك يقول السجستاني: "ومنابع الفساد
ومنابت التخليط
كلها من الحاشية التي لا تعرف نظام الدولة، ولا استقامة
المملكة وإنما سُؤلها ..... استلاب درهم وإن كان زيفا". وكذلك صراعها
وتصادمها فيما بينها
التضارب المصالح والأطماع إلى حدّ تحريش العامة
وتحريضها، فيوسف مثلا بث في النّاس أن الوزير ابن سعدان يزدريها ولا يأبه لشكواها.
وقد
قادت مداهنة الحاشية ورياؤها أمام الحاكم إلى تضليله عن
حال الدولة فيتمادى في تجبّره وتجاهله، ومثله ما جاء في حديث أبي إسحاق التصيبي
في كتاب فخر الدولة حين حمل صاحبه على "قلة
الاكتراث بظلم الرعيّة وأراه أنه لا حرج عليه في غينهم لأنهم بهائم"
/ التزام المثقف بنصح السلطان وإنباهه إلى الغي في
سياسته: في تعليل التوحيدي لبقاء الحاكم على خطنه: "والذي غلطه في نفسه وحمله
على الإعجاب
بفضله والاستبداد برأيه أنه لم يُجبه قط بتخطئة ولا قوبل
بتسوية ولا قيل له أخطأت".
۷ ضرورة الفزع إلى العلماء والأخذ
بنصيحتهم: وذلك بطريق التخلي عن الانفراد بالرأي "وافزع إلى الله في
الاستخارة وإلى الثقات بالاستشارة ولا تبخل برأي
غيرك وإن كان خاملا في نفسك"
/ أهميّة قيام السياسة على العقل والحكمة:
"تطيب الدنيا إذا تفلسف ملوكها"
2- دينيًا وعقديّا:
علاقة الفلسفة بالشريعة: التأكيد على التكامل بينهما
ووقوف أحدهما على الآخر، فالمرء " يكون بالدين متقرّيا إلى الله تعالى على ما
أوضحه له صاحب
الشريعة عن الله تعالى ويكون بالحكمة متصفحا لقدرة الله
تعالى في هذا العالم". الفلسفة منهاج يطهر ما أصاب الشريعة، فقد "تست
بالجهالات
واختلطت بالضلالات ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلا
بالفلسفة"
/ اختلاف المذاهب والعقائد: الإقرار بحتمية التعدد
والاختلاف بينها لاختلاف الأديان وضرورة القبول بذلك فلمّا كانت المذاهب نتيجة
الآراء والأراء ثمرات
العقول والعقول منائح الله للعباد وجب أن يجري فيها
الأمر على الاختلاف والافتراق"
/ في كثرة العقائد وتفشيها: "صار النّاس أحزابا
في النحل والأديان، فهذا نصيري وهذا أشجعي وهذا جارودي وهذا قطعي وهذا جبائي ...
ومن لا يحصي عددها
/ الجبر والاختيار: وجاهة الموقفين كليهما: القائل
بأن الإنسان مخيّر والقائل بأنه مسيّر، لأن الأول ينظر إليها من جهة الإرادة
والثاني من جهة المصدر الرتاني
"والملحوظان صحيحان والحظان صائبان".
3. اجتماعيا وأخلاقيّا:
/ الفتن الداخلية: انتهاز ضعف الدولة وتخلي الحاكم
عن مسؤوليته لإثارة الفتن بشن الغارة "واتصال التهب وتوالي الحريق"
7 فزع الرعيّة وذعرها من الفوضى والاقتتال: حتى
أخذوا في الانحدار على رعب قذف في قلوبهم"
/ الفقر: إذ كانت الرعيّة تشكو "غلاء القوت و
عوز الطعام و تعذر الكسب و غلبة الفقر وتهتك صاحب العيال"
فساد التجارة والتجار: " أمّا أصحاب الأسواق فإننا
لا نعدهم من أحد منهم خلقا دقيقا و دينا رقيقا و حرصا مسرفا و دناءة معلومة قد
تعاطوا المنكر حتى
غرف وتناكروا المعروف حتى تُسي"
لا تصدع القيم الاجتماعيّة: "أرى واحدا في فتل حبل
وآخر في حفر بئر وآخر في نصب فخ وآخر في دست حيلة وأخر في تقبيح حسن وآخر في شحذ
حديد وآخر
تمزيق عرض وآخر في اختلاق كذب .."
الظلم: "وأصبح طالب الحق حيران"، و"صار
المنكر معروفا والمعروف منكرا"
4- معرفيا وأدبيًا ولغويًا:
، الموازنة بين النظم والتتر: تفضيل التثر
على التظم لأنه "أصل الكلام والنظم فرعه"
» المفاضلة بين الشعراء: قول أبي سعدان "حدثني
في اعتقادك في البحتري وأبي تقام"
/ الأدب بين الطبع والصنعة: ازدراء التكلف في
الكتابة والتشنيع على بعض الأدباء خروجهم عن المألوف بالتزام السجع مثلا في غير
محله فهو "ممّا يقع في
الكلام ولكن ينبغي أن يكون كالطراز في التوب"
، مسألة الأسبقيّة بين اللفظ والمعنى: إذ
المعاني في "الهاجسة في النفوس المتصلة بالخواطر والألفاظ ترجمة للمعاني"
/ المفاضلة بين التحو والمنطق: المناظرة بين أبي
سعيد السيرافي ومتى
/ المفاضلة بين العرب والعجم: في الليلة السادسة
|||- النقاش العام التقييم:
/ الوثوقية في آراء العلماء: يُكثر التوحيدي من
الاعتماد على علمائه والصدور عنهم في مواقفه، لا سيما أبو سليمان المنطقي، وكان
ذلك في بعض الأحيان
مظهر ضعف حين يتجرّد التوحيدي من تقديم موقف شخصي من بعض
ما يُطرح عليه، حتى أنه اكتفى أحيانا في جوابه على بعضها بما قاله أبو
سليمان فقط كما في جوابه إلى الوزير عن مسألة الراعي
والرعيّة. ثم إنه في مناظرة السيرافي ومتى لم يعقب على بعض استدلالات أبي سعيد رغم
ضعف ما احتج به نحو قوله: "فمن لك بمعرفة الموزون
أيّما هو حديد أو ذهب أو شبه أو رصاص؟" على حين أن علم المنطق لا يهتم بمثل
هذا
ثم إن أبا سعيد تهجم على متى وحاوله إلجامه عبر وصفه
بالضعف: "أخطأت وتعبت وملت مع الهوى" وهذا هتك لشروط الموضوعيّة في
المناظرة لم يعلق عليه التوحيدي بشيء
/ التحفَظ والتقيّة: التقيّة هي الحذر من إظهار ما
في النفس من معتقد وغيره للغير، وقد اعتمدها التوحيدي أحيانا في عدم الجهر
باعتقاده في بعض
المسائل، من ذلك مسألة الجبر والاختيار، حيث عرض عقيدة
الفريقتين الجبريّة والقدريّة وذكر أن كل منهما على صواب بطريقته "فالملحوظان
صحيحان واللآحظان مصيبان" ورغم إقراره بأن
"الاختلاف لا يرتفع بهذا القول والوصف" فإنه لم يُدلي برأي جازم في ذلك،
) استمالة السلطة بالتهجم على العامّة: لم يلتزم
التوحيدي دائما بمبادئ المثقف الموضوعي الذي لا يطلب رضاء السلطة ولا يترفع عن
العامّة ويزدريها، إذ
ظهر في بعض المقامات مستميلا للتلطة ناسيا لها صفات
العظمة والقداسة، ومثال ذلك تغزله بنفوذ الوزير لمنعه عن الانتقام من العامة،
فاعتبر أن "عقله فوق عقولهم، وحلمه أفضل من حلومهم،
وصبره أنم من صبرهم"، وقد برّر تمنّعه عن التصدّي لتعليم العامة بأن ذلك
"خُلُوقة،
وطلب الرّفعة بينهم ضعة والتشبه بهم نقيصة". وهو
يعترف أن التقرب إلى السلطة باب ارتزاق، فإن "العاجلة محبوبة و الرفاهية
مرغوبة و المكانة
عند الوزراء مطلوبة و الدنيا خضرة حلوة".