-->

انتاج كتابي حول الراعي

الراعــــــــــــــــــي

      أشرقت شمس الكون فبعثت أشعّة سنّية نحو كوكب الأرض ، فأفاقت الدنيا من سباتها العميق ودبّت الحركة في الأجسام . إنّه يوم من أيام الربيع الباسمة. اكتست الأرض أبهى حلّة لديها وخرجت العصافير من أعشاشها تشدو وتحوم حول الازهار وكانت تتمايل وتتراقص حينا وتتهادى حينا آخر...حزمت أمري وقرّرت وأسرتي الخروج إلى البرّية للترفيه لأن النفوس إذا كلّت عميت...انطلقنا بالسيارة التي كانت تطوي الارض طيا بلونها الاحمر القاني ... وعندما الوصول ، وجدت الطبيعة حافلة باسمة ، توغّلت في  غابة كثيفة ظليلة وافرة الظلال تنفذ عبرأشجارها الباسقة الظليلة أشعة الشمس في شكل خيوط عمودية لامعة أنارت المكان وبثت الدفء في أرجاء الغابة ، وأشجار السرول والصنوبر والبلوط والفلّين قد مسّها الربيع بعصاه السحرية فجعلها ملتفة الأغصان تشتعل اخضرارا في ذلك الفضاء الرحب النديّ الظليل... وهذه أشجار حبلى بالثمار اللذيذة الطيبة فمنها التفاح والبرتقال وأشجار الزيتون كأن ريشة فنان بارع رسمتها.أجلت بصري فإذا بي أرى راعيا يبدو في الخمسين من عمره وكأنه توقف هناك، فالأعوام تمرّ وهو صامد : هذه قامة هيفاء وسط قميص وسروال اضمحل لونهما، عيناه سوداوان كحبتي زيتون لامعين،أنفه أفطس...هو قنوع وعنيد الى الغاية القصوى،هو يتجلى بجسم ضامر وعظام وجهه بارزة يضع فوق رأسه مظلة تبعثر سعفها...جلست الى جانبه وبادرته بالتحية :
- السلام عليك ,كيف حالك؟
-أنا بخير!تفضلي!اشربي من هذه العين!إنّ ماءها صاف.                              
 - شكرا لك .
 ارتويت من الماء وقضيت بجانبه سويعات كانت أحلى سويعات قضيتها في حياني ، وعدت إلى منزلي ومازالت مشاهد الطبيعة الخلابة راسخة فيذاكرتي.                                  سيرين بنعمر