انتاج كتابي : مساعدة شخص مسن
رغبت في قضاء العطلة في بيت جدتي . وفي الموعد المقرر
لذلك ، وقفت صباحا في المحطة أنتظر قدوم الحافلة. وما أن قدمت
الحافلة وتوقفت بالمحطة حتّى تدافعت الأمواج البشرية تتزاحم يالمناكب تريد
الصعود في وقت واحد ، وتجري نحو الأماكن الفارغة لاحتلالها . ولمّا هدأ الزحام
وخمدت اللهفة صعدت عجوز على مهل فوجدت كل الاماكن مشغولة حينئذ أمسكت
بعمود معدني وظلت تنتظر الرحيل صابرة . وفجأة انتبهت لحالها فقمت وأخذت
بيدها بلطف ثمّ ألححت عليها كي تجلس مكاني فارتمت على المقعد وهي تردّد :"
جازاك الله خيرا" فوقفت بجانبها متشبثة بالعمود. وبعد قليل دوّى المحرك
بصوت عال وأغلق الباب ، ثمّ انطلقت الحافلة البطيئة متمايلة في سيرها غير
عابئة براغب في الركوب تأخر فجرى حذوها يدقّ بابها الخلفي دقات رجاء وتوسل
، وما لبث أن تحوّل إلى دقات غضب ويأس ... قطعت الحافلة الشوارع المكتظة بالسيارات
و الراجلبن مخلفة وراءها المحلات التجارية والمقاهي … وعندما خرجت من المدينة
انطلقت تطوي الأرض طيا متجهة نحو الضواحي القريبة… كنت أشاهد الطبيعة من النافذة
: ما أجمل الربيع عندما يقبّل تلك الشجرة الحزينة العارية فتزهر رياحينها
، ويمشي على ضفاف النهر الجاف فتتدفّق مياهه الزرقاء النقية ، وقد ابتسم ثغر
الارض فأزهرت أزهار ملونة تتراقص جذلا وحبورا وقد شاركها الهواء العليل رقصها
والعصافير المغردة تهاديها.
لقد قضت العجوز رحلة مطمئنة
ونلت أنا مقابل إيثاري وتعبي راحة الضمير… وعندما وصلت الى المكان المنشود وجدت
جدتي في انتظاري.
|