المجال والتنمية في البلاد التونسيّة: دراسة عامّة - المجال الفلاحي - الثالثة آداب
المقدّمة:
المجال
الفلاحي هو حصيلة تدخل الإنسان في الوسط الطبيعي قد استغلاله في النشاط الزراعي,
وقد شهد المجال الفلاحي بالبلاد التونسيّة تحوّلات هامّة وأشكال جديدة للتخصّص
نتيجة تدخل العديد من الأطراف في تنظيمه وهو ما انعكس على تطور الإنتاج الفلاحي.
·
فما هي الأطراف المتدخلة في تنظيم
المجال الفلاحي التونسي؟
·
و ما هي مظاهر تخصّص هذا المجال
وتحوّلاته؟
·
و ما هي خصائص الإنتاج الفلاحي
التونسي؟
I-
الأطراف المتدخلة في تنظيم
المجال الفلاحي التونسي:
1) أهميّة دور الدولة حتى أواسط الثمانينات:
تعتبر الدولة وحتّى منتصف
الثمانينات أهم متدخل في تنظيم المجال الفلاحي التونسي وذلك عن طريق هياكلها
المختصّة أهمها:
- وزارة الفلاحة: مهمتها تقرير
أهداف السياسة الوطنيّة في القطاع الفلاحي عن طريق مخططاتها التنمويّة.
- المندوبيات الجهويّة للتنمية
الفلاحيّة: مهمتها تنفيذ سياسة الوزارة على مستوى جهوي ( الارشاد, التخطيط,
المحافظة على المياه والتربة).
- الدواوين الوطنيّة المختصّة
مثل ديوان الحبوب, ديوان الزيت, ديوان تربية الماشية وتنمية المراعي, مهمتها تأطير
الفلاحين والنهوض بقطاعاتهم تقنيًّا وماديًّا.
- وكالة النهوض بالاستثمارات
الفلاحيّة: تقوم بتقديم امتيازات ماليّة وجبائيّة لباعثي المشاريع الفلاحيّة
وتشجيع الشراكة مع الأجانب.
2) تدعم دور الأطراف الخاصّة منذ منتصف الثمانينات:
- تأسيس ثلاث غرف فلاحيّة للشمال والوسط والجنوب سنة 1988 والتي
تهدف إلى تعويض الإدارة في مجال الإرشاد الفلاحي وبث التكنولوجيات الزراعيّة
الجديدة وتنظيم المعارض الفلاحيّة وتدعيم علاقات التعاون مع المنظمات المهنيّة
الأجنبيّة.
- بعث تعاضديات الخدمات التي تساهم في تنمية الزراعات
والمنتجات الحيوانيّة حسب مناطق توطّنها مثل زراعة الأعلاف وإنتاج الألبان.
-
شركات الإحياء والتنمية الفلاحيّة وهي شركات خفيّة الاسم (بنوك تونسيّة وأجنبية
وشركات تمويل وشركات تجاريّة وأفراد) تنشط في القطاع الفلاحي وتستثمر وتستغلّ
الأراضي الفلاحيّة التابعة للدولة.
-
الجمعيّات ذات المصلحة المشتركة التي تقوم بتنظيم استغلال وتسيير المناطق السقويّة
العموميّة.
- التفويت في عمليّة تجميع وتسويق المنتجات الفلاحيّة
للخواص بهدف تدعيم الاستثمار الخاص والبحث عن أسواق خارجيّة جديدة.
II- تخصّص المجال الفلاحي التونسي وتحوّلاته:
1) تخصّص المجال الفلاحي التونسي:
أ)
– مظاهر التخصّص:
·
الأقاليم الساحليّة الشرقيّة:
- الشمال الشرقي والساحل وواحات قابس: متخصّصة في الفلاحة الجاهدة
والمتنوّعة كالخضروات والأشجار المثمرة ( كروم العنب والقوارص ) وتربة الماشة (
الأبقار).
- الساحل وظهير صفاقس وجرجيس: متخصّصة في الفلاحة
البعليّة : زياتين ومغرس اللوز.
·
الأقاليم الداخليّة:
- الشمال الغربي ( سهول مجردة وباجة والتل العالي): متخصّص في
الزراعات الكبرى خاصّة الحبوب.
- الوسط الغربي ( السباسب العليا): تربة الأغنام وزراعة
الحبوب غير المنتظمة.
- الجنوب الغربي ( الواحات): انتاج التمور والزراعات
المتدرّجة والباكورات ( بيوت مكيّفة).
ب)
– عوامل التخصّص:
- الظروف المناخيّة الخاصّة بكل منطقة وبكل إقليم ( الحرارة
والتساقطات).
- نوعيّة التربة.
- وفرة أو ندرة ونوعيّة الموارد المائيّة المتاحة.
2) تحوّلات المجال الفلاحي التونسي:
أ)
– التحوّلات الهيكليّة: ( الرسم البياني
عدد 16 ص 203)
تتمثل في تفاقم ظاهرة تفتّت المسغلات الفلاحيّة حيث
تزايدت مساحة المستغلاّت أقل من 5 هكـ من 6 % من المستغلات بين 1961 و1962 إلى 10
% بين 2003 و2004 كما تزايد عدد من 41 % إلى 51%
من عدد المستغلات خلال نفس الفترة.
ب)
– توسّع مساحة الفلاحة الجاهدة:
- توسّع المساحات السقويّة وتقّدمها نحو المناطق الداخليّة كمجردة
الوسطى والوسط الغربي الذي أصبح يحتوي على ثلث المساحات السقويّة بالبلاد ( الرقاب
وجلمة بسيدي بوزيد).
- تقدّم غراسة الزياتين نحو السباسب العليا والأشجار
المثمرة نحو المناطق الداخليّة كغراسة التفاح بجندوبة وسليانة والقصرين وغراسة
المشمش في ولاية القيروان.
- ظهور أحواض لبنيّة جديدة ( انتاج الألبان ) في
سجنان-ماطر ومجردة الوسطى والوطن القبلي وظهير المهديّة وصفاقس.
III- خصائص الإنتاج الفلاحي التونسي:
1) – تنوّع الإنتاج الفلاحي:
أ)
– انتاج فلاحي نباتي:
يمثل 63 % من قيمة الجمليّة للإنتاج الفلاحي سنة 2004
ويتكوّن من:
- حبوب
- غلال الأشجار المثمرة.
- خضر.
- أعلاف وتبغ وعباد الشمس وقرعيات (دلاع وبطيخ)
والتوابل.
ب)
– انتاج فلاحي حيواني:
يمثل 37 % من قيمة الجمليّة للإنتاج الفلاحي سنة 2004
ويتكوّن من اللحوم الحمراء والبيضاء
والبيض والحليب والعسل.
2) –نمو الإنتاج الفلاحي:
- نمو معظم المنتجات الفلاحيّة النباتيّة
خاصّة الخضروات والأشجار المثمرة ... نتيجة توسّع المساحات السقويّة وتحسّن
المردود.
- نمو الإنتاج الحيواني نتيجة
تكثيف تربية الأبقار الحلوب وتسمين العجول وتربية الدواجن.
3) – الإكتفاء الذاتي الغذائي:
يتميّز بتباينه حسب المنتجات
الفلاحيّة:
- حقّقت البلاد التونسيّة
إكتفائها الذاتي في الخضر والغلال في جلّ المواد ( تمور, زيت زيتون, قوارص) مع
تحقيق فائض يتمّ تصديره.
- تراجع العجز الغذائي في
المنتجات الحيوانيّة خاصّة في اللحوم والألبان نتيجة تزايد الإنتاج.
- تواصل العجز الغذائي في
المواد الاستراتيجيّة خاصّة في الحبوب حيث لم تتعدّ نسبة التغطية 51 % خلال
المخطّط التاسع ( 1997 – 2001).
- يتفاقم العجز في الميزان
التجاري الغذائي بتونس في سنوات الجفاف مثل سنة 2002 ( بلغت قيمة هذا العجز 586
مليون دينار).
الخاتمة:
يتميّز المجال الفلاحي التونسي بتراجع تدخل الدولة في
تنظيمه مقابل تنامي دور الخوص, وقد شهد هذا المجال تحوّلات عميقة دعّمت مكانة
الفلاحة في الاقتصاد التونسي الذي شهد نموّا في جميع القطاعات أهمها القطاع
الصناعي.