-->

تحوّلات العالم الغربي في القرنين السابع عشر و الثامن عشر- التحوّلات الاقتصاديّة في أوروبا الغربيّة: المثال الأنقليزي - الثالثة آداب

المقدّمة:
عرفت أنقلترا في القرنين 17 و18 تحوّلات اقتصاديّة هامّة ساهمت في إرساء اقتصاد عصري وفي تركز نظام رأسمالي.
- فما هي العوامل المساهمة في تحقيق هذه التحوّلات ؟
- و ما هي هذه التحوّلات الاقتصاديّة؟
I-    عوامل تحقيق التحوّلات الاقتصاديّة بأنقلترا:
1)     الاستقرار السياسي وانتشار أفكار اقتصاديّة جديدة:
- عرفت أنقلترا استقرارًا سياسيًّا اثر إصدار البرلمان للائحة "إعلان الحقوق" سنة 1689 الذي حدّد سلطة الملك وكرّس نظام الحكم النيّر.
- شهدت أنقلترا انتشارًا للأفكار الاقتصاديّة الجديدة المطالبة بالحد من تدخّل الدولة وبحريّة الإنتاج والترويج, وقد ساهمت هذه الأفكار في توجّه الأرستقراطيّة ورجال الأعمال للإستثمار في الفلاحة والصناعة.
2)     تزايد الطلب والتوسع الاستعماري:
- ارتفاع عدد سكّانها في بداية القرن الثامن عشر فتزايد الطلب على المنتوجات الفلاحيّة وهو ما أكّد الحاجة إلى تطوير الفلاحة والصناعة لتلبية هذا الطلب المتزايد.
- نجاحها في التوسع على حساب القوى المنافسة والسيطرة على أهمّ المسالك والمراكز التجارية والمستعمرات الغنيّة, واحتكار تجارة العبيد والتجارة المثلثة مما فتح آفاق واسعة أمام تطوّر اقتصادها
3)     الهيمنة الأنقليزيّة في نظام " الاقتصاد – العالم":
تمكّنت أنقلترا خلال القرن 18 من إضعاف دول المركز المنافسة لها ( فرنسا وهولندا) وبذلك هيمنت على هذا النظام وأصبحت اكبر مستقطب للمعادن الثمينة خاصّة الذهب.

II-     التحوّلات الفلاحيّة:
1.تركز الضيعات الرأسماليّة الكبرى:
هيمنة الضيعات المسيّجة والشاسعة المعتمدة على يد عاملة أجيرة متعدّدة, فبرز بذلك مشهد "الريف المغلق".
2.     تطوّر طرق وتقنيات الاستغلال:
- تمّ اعتماد الدورة الزراعيّة الرباعيّة التي تقوم على استغلال كامل المساحة (انعدام البور).
- اعتماد الزراعات العلفيّة في الضيعات المسيّجة الشاسعة التي مكّنت من كثيف تربية الماشية وتوفير الأسمدة التي تحتاجها الأرض لتخصيب التربة.
- توسيع المساحات الزراعيّة باستصلاح الأراضي وتجفيف المستنقعات.
- استعمال تقنيات فلاحيّة جديدة مثل المحراث الحديدي والمبذر الميكانيكي..
3.     نتائج التحوّلات الفلاحيّة: 
أدّت هذه التحوّلات إلى:
-ارتفاع مردود تربية الماشة حيث تزايد عدد القطيع خاصّة البقر والغنام وتحسّن نوعيّته
- ارتفاع الإنتاج الفلاحي بـ: 0.4 % خلال القرن.
   أدّى ذلك على تحوّل الفلاحة من فلاحة معاشيّة على فلاحة تسويقيّة تحقّق أرباحا طائلة وظّفت في تطوير الصناعة.
III-   بوادر الثورة الصناعيّة بانقلترا:
1.    التحوّلات التقنيّة:
- اختراع المحرّك البخاري سنة 1769 استعمل في المناجم والمصانع والمطاحن.
- تألية صناعة النسيج من خلال اختراع آلات للغزل والنسيج مثل المكوك الطائر سنة 1733 و "النوال الآلي" سنة 1785 وهو ما مكّن من الرفع في مردود الغزل والنسيج.
- تطوّر صناعة التعدين: وذلك باعتماد فحم الكوك في أفران عالية لصنع الفولاذ كما تمّ الفصل بين الحديد والفحم أثناء عمليّة الصهر وبالتالي الحصول على فولاذ أكثر صلابة.  
2.    ارتفاع الإنتاج والتحوّلات التنظيميّة للصناعة:
- يتميّز الإنتاج الصناعي الأنقليزي بتنوّعه حيث برزت صناعات استراتيجيّة مثل التعدين والسفن والنسيج والصناعات الميكانيكيّة.
- كما يتميّز بنموّه الملحوظ خلال القرن 18حيث تضاعف إنتاج الصلب قرابة 10 مرّات وإنتاج الفحم الحجري 4 مرّات.

- بروز المصانع الكبرى ذات الطوابق والمعتمدة على المحرّكات البخاريّة وعلى عدد كبير من العمال, وقد تركزت هذه المصانع قرب مناجم الفحم الحجري وبذلك برزت مدن صناعيّة مثل مانشيستر وليفربول.
- تطوّر هياكل التمويل مثل البنوك وشركات المساهمة.
3.    تطوّر المواصلات:
- شهدت وسائل النقل تطوّرًا ملحوظًا وذلك للحاجة إلى ربط المصانع بمناطق تزوّدها بالمواد الأوليّة والطاقيّة وبالمدن والأسواق الداخليّة والخارجيّة.
- استفادت وسائل النقل من التطوّرات التقنيّة فظهرت قطارات وسفن البخاريّة أكثر متانة وسرعة كما تعدّدت الموانئ.
الخاتمة:
كانت أنقلترا أكبر مستفيد من نظام " الاقتصاد – العالم" وبذلك أخذت الأسبقيّة في تحقيق تحوّلات اقتصاديّة هامّة فتدعّمت قوّتها الاستعماريّة وسيطرتها على البحار والمحيطات, فحاولت القوى الأوروبيّة المنافسة الإقتداء بها ومجاراتها وهو ما ساهم في بروز أفكار جديدة تطالب بالتغيير