-->

شرح نص كلام بكلام

3 minute read

كلام بكلام  


التقديم:

إن التأمل في كتاب البخلاء للجاحظ يرى أن البخل أصبح فلسفة أو منهجا في الحياة لا مجرد سلوك فردي و هذا ما تجلى في نادرة "كلام بكلام" و التي أخذت من كتاب البخلاء في ص24و25و26.
الموضوع:
يصور الجاحظ في هذا النص شخصية البخيل التي تعاني تمزقا بين قيم الجماعة وقيم الفرد و ذلك من خلال حكاية الخرسان مع عابر السبيل.
الوحدات :بنية النادرة : السند و المتن
1-  حدثني إبراهيم بن السندي قال:السند
2- البقية:المتن  1*وضع البداية:من البداية إلى حجة وصف الخرساني       
                   2*وضع التحول:من قال إلى حساب حكايته مع عابر السبيل
                   3*وضع الختام:بقية النص :علاقته بالجماعة



المقطع الأوّل: السّند

حدّث: فعل رواية و حكي
إبراهيم السندي: المتحدّث / الباث
المروي له: الجاحظ ( المتلقّي )
الرّاوي: إبراهيم بن السّندي

الرّاوي مُنفصل عن الأحداث غير مشارك في نسيج الحكاية: راو مُحايد

يحملُ السّند شُحنة أدبيّة و شُحنة دينيّة

الجاحظ نقل الرّواية من التراث الشفويّ إلى التراث المكتوب: الجاحظ يتبنّى هذه الرّواية و يتخفّى وراء الرّاوي ليُبرز مواقفه

ذكر اسم الرّاوي في السّند يُضفي مصداقيّة على الرّواية ( الواقعيّة )

إنّ استراتيجيّة السّند و المتن سُنّة مُتّبعة في النّثر العربيّ القديم لعدّة أسباب، منها:

- حداثة عهد العرب بالكتابة ( مرحلة انتقاليّة من ثقافة المشافهة إلى ثقافة التّدوين )

- الرّغبة في مشاكلة الحديث النبويّ الشّريف

المقطع الثّاني: المتن

قال : " المتن "
فعل فاعل نصّ مقول القول: مفعول به

العلاقة بين السّند و المتن

علاقة تركيبيّة : المتن مفعول به النواة الإسناديّة التّي تسيّج السّند

علاقة دلاليّة : السّند هو مضمون القول و هو مدار فعل القول

 صفات مذمومة سلبيّة

هذا الشّيخ الموصوف هو غير عربيّ ( فارسيّ ) يعيش في العراق: المتندّر به ليس عربيّا غير أنّه يعيش مع العرب

تقابل بين صفات هذا الشّيخ، فهو من ناحية شخصيّة ذات صفات حميدة و من ناحية أخرى شخصيّة ذات صفات مذمومة

كأنّنا أمام شخصيّتين: ازدواجيّة سلوكيّة

تمازج بين الأجناس و الحضارات و الثقافات: تلاقح حضاريّ
الازدواجيّة السلوكيّة مظهر طرافة و إضحاك و تندّر: يُحاول الجاحظ من خلال النّادرة فضح أصحاب الجمع و المنع و كشف مستنداتهم السريّة التّي تُسيّر حياتهم
النّادرة تقوم على الطّرفة و النّكتة و غايتها فضح ما اعوجّ من قيم اجتماعيّة
- سلوك الخراساني يوم الجمعة:

غير أنّه: استدراك

بدأ هذا المقطع باستدراك أفاد خُروج البخيل عن العادة و المألوف في سلوكه اليوميّ

في أيّام الأسبوع كان بخيلا شحيحا  في يوم الجمعة أصبح كريما مُبذّرا

إنّ اختيار يوم الجمعة ليس بريئا و ليس من قبيل الصّدفة

هذا اليوم هو يوم صلاة و عبادة و صدقة عند المسلم هو يوم أكل و استمتاع و تلذّذ عند الخراسانيّ

الخراساني يبدو مُتبنّيا لقيم الجماعة، لكنّه عوض أن يتصدّق على الغير نراه " يتصدّق " على نفسه

تبدو هذه الشخصيّة مبنيّة على ثنائيّة الظّاهر ( الكرم ) و الباطن ( البخل )، و هذا التناقض ضرب من ضروب الطّرافة.

الشّيخ يحتفلُ بالطّعام، و هذا يُمثّل فلتة سلوكيّة أسبوعيّة. فالطّعام كثير و المكان جميل: تكامل بين الطّعام و المكان يُذكّرنا بمجالس أبي نواس الخمريّة

ثمّ تخلّلثمّ تمشّى > الاسترخاء و التمهّل

يُقدّم الرّاوي صُورة مُضحكة للبخيل، فهو رجل أكول نهم: السّرعة + اللّهفة

نتيجة الأكل: الاسترخاء و الانتشاء، لذلك أصبحت حركات البخيل ثقيلة و متثاقلة، و هو ما يبعث على الضّحك و الإضحاك

الإضحاك عن طريق الأفعال و الأحوال

 قصّة الشّيخ مع عابر السّبيل

عابر السّبيل هو المُبادر بالكلام: السّلام > التحيّة

البخيل > ردّ السّلام + الدّعوة إلى الطّعام

يُواصل الرّاوي توسّل استراتيجيّة التّناقض بين الظّاهر و الباطن لفضح البخيل و الاستهزاء به، فهو قد دعا الرّجل للإقبال و المشاركة ثمّ أمره بالتوقّف و الابتعاد

إنّ ثنائيّة الدّعوة و الصدّ هي التّي تُحرّك هذا المقطع بكامله و هي التّي تفضح هذا الشّيخ الكريم قولا و البخيل فعلا، و هو ما ينسجم مع المثل القائل: " يقولون ما لا يفعلون "

يظهر البخل هنا في المنع و الصدّ

من مظاهر الإضحاك في هذا النصّ ذلك التحوّل الذّي انتاب البخيل، فبعد أن كان مطمئنّا أصبح منزعجا متوتّرا عند اقتراب عابر السّبيل منه

البخيل كريم في قوله و قد تدعّم ذلك بتلك الخطبة الجوفاء التّي قالها للرّجل قصد إقناعه بصحّة موقفه

الإضحاك عن طريق الأقوال

تنتهي النّادرة بشهرة هذا الشيخ بعد حادثة عابر السّبيل: أصبح ذائع الصّيت