-->

المحور الأول : مجال عالمي مترابط ومتفاوت - الدرس الخامس: المجال العالمي: التفاوت في التقدّم

                                                           المستوى : رابعة ثانوي                                      

المحور الأول : مجال عالمي مترابط ومتفاوت
الدرس الخامس: المجال العالمي: التفاوت في التقدّم

مقدمة الدرس :
يشهد العالم بأسره فوارق اقتصاديّة واجتماعيّة هامّة ورغم تضافر جهود الدول النامية والمنظمات الدولية للحد منها إلا أنها في تزايد واتساع مستمر.
. فماهي مظاهر التفاوت في التقدم في العالم وماهي عوامله ؟
. وماهي محاولات الحد منه ؟
I  - مظاهر التفاوت في التقدم في العالم :
1* تباين مؤشرات القوة والنفوذ بين دول العالم
أ * تباين القوّة الإنتاجية في العالم
القطاع الاقتصادي                       الدول المتقدمة                  الدول النامية

v    الصناعة


- منتجات صناعيّة ذات قيمة مضافة عالية مثل صناعة الإلكترونيك ,معدات طبيّة...
- سيطرة على الصناعات الجوفضائيّة والمعدّات الحربيّة.
- توفّر الدول المتقدّمة بفضل ضخامة قوّتها الإنتاجية 2/3 القيمة المضافة الصناعيّة في العالم سنة 2004.
- صناعات ذات قيمة مضافة وتكنولوجيا ضعيفة أو متوسّطة مثل صناعة النسيج.

v    الفلاحة

- تستأثر الدول المتقدمة بنسبة عالية  من المواد الفلاحيّة الاستراتيجيّة كالقمح إذ تنتج أكثر من ½ الإنتاج العالمي .
- تحتل الفلاحة المرتبة الأولى في اقتصاديات أغلب الدول النامية لكن لا يعبر ذلك على تطور هذا القطاع بقدر ما يفسر تواضع بقيّة القطاعات الاقتصاديّة.

v    الخدمات

- قطاع استراتيجي متطور يستجيب لحاجيات السكّان وبقيّة الأنشطة الاقتصاديّة ( مجتمعات ما بعد صناعيّة )
- قطاع يستوعب عددا هامّا من النشيطين لكنّه يظلّ مهمّشا وغير مهيكل فالدول النامية انتقلت اقتصادياتها من القطاع الأوّل مباشرة إلى القطاع الثالث دون المرور بعملّة تصنيعيّة حقيقيّة.
Ellipse: قوّة إنتاجية ضعيفة



ب * تباين القدرة على التحكّم في التكنولوجيا
البلدان المتقدّمة
الدول النامية

استفادت الدول المتقدمة وعلى رأسها الثالوث من عمليّات الابتكار والتجديد بفضل أهميّة استثماراتها في هذه الأنشطة وخاصّة في مجالي الإعلام والاتّصال إذ :
- تستوعب ¾ إجمالي النفقات العالميّة المخصصة للبحث العلمي والتطوير.
- يتجاوز عدد براءات الاختراع 880 لكل مليون ساكن بدول الثالوث.

تواضع الاستثمارات في أنشطة الابتكار والتجديد قابلها تأخر تكنولوجي واضح مقارنة بدول الشمال إذ يقل عدد براءات الاختراع لكلّ مليون ساكن عن 7 براءات اختراع.

Ellipse: تأخر تكنولوجي واضح Ellipse: قدرة هائلة على التحكم في التكنولوجيا
Zone de Texte: براءة الاختراع: براءة اختراع تمنح للمخترع لاختراعه آلة أو وسيلة أو كتابة مقالة أو أي شيء مفيد أمثلة على ذلك في مجال إدارة الأعمال والكيمياء و كتابة البرامج.
 






ج * تباين النفوذ العالمي:
- تتمتع دول الشمال بنفوذ عالمي قوي من مظاهره:
ü     امتلاك عملات قوّية على الصعيد العالمي مثل الدولار واليورو وبورصات هي الأقوى في العالم مثل طوكيو باليابان ووال ستريت بنيويورك ولندن ببريطانيا.
ü     امتلاك أكبر الشركات عبر القطريّة إذ تنتمي معظم وأكبر هذه الشركات إلى دول الشمال وتمتلك قدرات هائلة تسمح لها بالتأثير في الإنتاج العالمي والتحكم في قرارات أهم المنظمات الدوليّة مثل المنظمة العالميّة للتجارة.
ü     بحث علمي متطوّر وسبق تكنولوجي هام.
- أما دول الجنوب ونظرا لضعف قوتها الإنتاجية وتأخرها التكنولوجي فانّ نفوذها ضعيف.
2 * تفاوت مستويات التنمية البشريّة في العالم:
أ * توزّع لا متكافئ للثروة:
- يتّسم توزع الثروة في العالم بعدم تكافئ صارخ  :
Zone de Texte: دول الجنوب تمثّل 4/5 سكّان العالم وتملك ثروات تقل عن مثيلاتها في دول الشمال لا تتعدّى 1/3 الناتج الداخلي الخام العالمي. Zone de Texte: تستأثر دول الشمال ( 20%) من سكان العالم بقرابة 2/3 الناتج الداخلي الخام العالمي  وتحوز أقليّة من الأثرياء ثروات تضاهي الناتج الداخلي الخام لعدد كبير من الدول النامية يتصدرهم بلقايتس صاحب شركة ميكروسوفن ( 50م د )
Zone de Texte: * الن.د.خ: مؤشر اق يقيس الثروة التي يحققها البلد في السنة ويتكون من مجموع القيمة المضافة التي تحققها المؤسسات والدولة والأفراد المقيمين بالبلد . ( تعريف صفحة 71 )
 












ب* تباين القدرة على الاستجابة للحاجيات الأساسية للسكان:
تتباين القدرة على تأمين الحاجيات الأساسية للسكان:
- تتمتع دول الشمال بقدرة عالية على تامين حاجات سكانها الأساسيّة (غذاء,صحة,تعليم)
- عكس الدول المتقدمة تجد دول الجنوب صعوبة في تأمين حاجيات سكانها الأساسية إذ:
ü     يعاني 1/3 سكان إفريقيا و 1/5 سكان آسيا من نقص في التغذية.
ü     ترتفع وفيات الرضّع ونسبة الأميّة وينحدر معدّل أمل الحياة عند الولادة إلى مستويات قياسية في دول الجنوب وخاصّة في إفريقيا جنوب الصحراء مقارنة بالعالم المتقدم.
ج* تفاوت مؤشر التنمية البشريّة بين بلدان العالم:
يختزل مؤشر التنمية البشرية واقع التفاوت بين بلدان العالم ولئن سجّل تحسنا ملحوظا شمل أغلب الدول فانه يتميّز بالتباين إذ يمكننا من تصنيف بلدان العالم إلى أربع مجموعات حسب مؤشر التنمية البشرية لكّل منها ( عال جدا,عال,متوسط,ضعيف)

أصناف المجموعات
قيمة المؤشر
بعض الدول المنتمية
                المجموعة الأولى

  
     
                          ذات مؤشر تنمية بشرية عال جدا
                               تتراوح بين 0.870  و1
- أغلب الدول المتقدمة
- بعض بلدان الجنوب مثل تايوان وكوريا الج

المجموعة الثانية


                                     ذات مؤشر تنمية بشرية عال

                                  تتراوح بين 0.750 و 0.870
- روسيا وبعض دول أوروبا الشرقية
- بعض الدول الصناعية الجديدة كالبرازيل والدول النفطية

المجموعة الثالثة
   

                                                    ذات مؤشر تنمية بشرية متوسط

                                        تتراوح بين 500 و 0.750
- أغلبها آسياويّة
- دول من أوروبا الوسطى.
- بعض الدول الإفريقية مثل تونس وجنوب إفريقيا.

المجموعة الرابعة

 

                                                    ذات مؤشر تنمية بشرية ضعيف


أقل من 0.500
- بلدان شبه القارة الهندية ( الهند,باكستان أفغانستان)
- بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.
Zone de Texte: * مؤشر التنمية البشريّة: هو مؤشر تأليفي يعكس مستوى التنمية ويختزل مجموعة من المؤشرات ( الن.د.خ للفرد,أمل الحياة عند الولادة,نسبة التمدرس,نسبة الأمية ).



II - تعدّد عوامل التفاوت في التقدّم :
1* العوامل الاقتصاديّة:
أ* الهيمنة الاقتصاديّة والتّبعيّة:
- تفرض دول الشمال هيمنتها على دول الجنوب بفضل التطوّر الكبير الذي تعرفه

اقتصادياتها فبعد الاستغلال الاقتصادي الذي تعرضت له دول الجنوب خلال الفترة الاستعماريّة أسهم الانفتاح على الاستثمار الأجنبي المباشر منذ ثمانينات القرن العشرين في تكريس الهيمنة الاقتصاديّة لدول الشمال إذ أدّى إلى سيطرة الشركات عبر القطرية على اقتصاديات دول الجنوب.
- في المقابل لم تتوفّق معظم الدول النامية في الاندماج في النظام التجاري العالمي ومجابهة تحديات العولمة فازدادت تبعيتها لدول الشمال.
ب* تقسيم عالمي للعمل غير متكافئ:
- استفادت الدول المتقدمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والى بداية السبعينات من التقسيم العالمي للعمل الذي يختص فيه العالم المتقدم بإنتاج وتصدير المواد المصنعة في المقابل يصدر العالم النامي المواد الأولية.
- بداية من السبعينات أقامت دول الشمال تقسيما جديدا:
          دول الشمال: إنتاج وتصدير الخدمات والمنتجات الصناعية ذات القيمة المضافة
                          العالية.
          دول الجنوب:إنتاج وتصدير منتجات ذات قيمة مضافة ضعيفة ومتوسطة والمواد         
                           الأوّلية والطاقية والفلاحيّة.
Pensées: يصدر الشمال منتجات ذات قيمة مضافة عالية والجنوب يصدر منتجات ذات قيمة مضافة ضعيفة
 

    

ج* الدين عبئ معرقل للتنمية ببلدان الجنوب:
- تعاني معظم دول الجنوب من مشكل الدين الناتج عن سياسة الاقتراض التي اتبعتها معظم الدول النامية لتمويل مشاريعها التنموية ويعرف حجم الدين ارتفاعا مطّردا إذ نما من 540 مليار دولار سنة 1980 إلى 2073 مليار دولار سنة 2005 وتعجز أغلب الدول عن تسديد ديونها مما يضطرها إلى الاقتراض مجددا لتسديد ها أو المطالبة بجدولتها من قبل الجهات المقرضة كصندوق النقد الدولي.
Pensées: الدين أهم معوقات التنمية بدول الجنوب
 


2* العوامل البشريّة:
أ* وضع ديمغرافي غير معيق للتنمية بالشمال ومكبل للتنمية بالجنوب:
- بلغت جل دول الشمال مرحلة النضج الديمغرافي ولئن ساهم ذلك في تهرم مجتمعاتها
فانّ استقطابها للمهاجرين ضمن لها تغطية حاجيات أنشطتها الاقتصادية من اليد العاملة.
- في المقابل تمر معظم دول الجنوب بمرحلة الانتقال الديمغرافي وتعرف مجتمعاتها فتوّة واضحة وهو ما يساهم في ارتفاع النفقات الاجتماعية في وقت يتميز فيه النمو الاقتصادي لهذه الدول بضعفه مما يزيد في عرقلة عمليات التنمية.
أ* تباين مزايا الرصيد البشري بين بلدان العالم:
تستفيد الدول المتقدمة من:
- سوق استهلاكيّة هامّة نتيجة ارتفاع الدخل الفردي.
- يد عاملة وطنيّة ذات مستوى تأهيل عال وتكوين جيد تدعمت بانتهاج سياسة هجرية وفّرت اليد العاملة العاديّة لتغطية النقص الذي تسبب فيه انخفاض النمو الطبيعي ويد عاملة مختصّة وأدمغة من البلدان النامية.
في المقابل فشلت معظم دول الجنوب في تحقيق نمو اقتصادي قوي ومتواصل وظلت تعاني من:
- ضعف الناتج الداخلي للفرد وانتشار الفقر.
- غياب سوق استهلاكيّة وطنية تدعم العملية التنموية.
- هجرة اليد العاملة المؤهلة والأدمغة بعد أن تكون دول الجنوب قد تحملت نفقات تكوينها.
        فرضت وضعية ضعف التنمية بالجنوب ضرورة البحث عن سبل لتداركها,كما تطلبت تدخّل المنظمات الدولية لمعاضدة جهود هذه الأقطار لتقليص التفاوت في التقدم بين بلدان العالم.
III محاولات الحد من التفاوت:
1* تنوّع تجارب التنمية بالبلدان النامية:
- عملت معظم الدول النامية على تنويع تجاربها التنموية التي شملت مختلف المجالات:
      التصنيع بمختلف نماذجه ( معوض للتوريد,حاث على التصدير,الصناعات المصنعة)
      القطاع الفلاحي خاصّة من خلال انخراط عدة دول في مشروع الثورة الخضراء.
     الانخراط في سياسات اقتصادية جديدة وداعية إلى الانفتاح والخضوع لصنّاع العولمة.
سياسات تصنيعيّة متباينة

الثورة الخضراء (من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي)
الانفتاح وبرامج الإصلاح الهيكلي والانخراط في العولمة
                                                                                   ثلاث نماذج تصنيعيّة
التصنيع المعوّض للتوريد
البرازيل خلال الـ30ـنات والتنينات في الـ60ـنات



الصناعات المصنعة الثقيلة
الصين من الـ50ـنات إلى الـ70ـنات والجزائر خلال الـ70ـنات

التصنيع الحاث على التصدير البرازيل بداية من الـ60ـنات والتنينات بداية من الـ70ـنات

راهنت عدّة دول على تنمية الإنتاج الفلاحي (الثورة الخضراء).
- تعصير الفلاحة باستعمال بذور وأسمدة وأدوية ممتازة متأتية من المخابر الغربية.
- نجاح هام لبعض الدول مثل الهند والصين في المقابل عرفت دول أخرى تبعية للمخابر الأجنبية وأزمات اقتصادية ومشاكل بيئية...)
إخفاق جل نماذج التنمية فرض على أغلب الدول النامية قبول "وصفة" صندوق النقد الدولي الداعية إلى ضرورة الانفتاح الاقتصادي واعتماد تجربة النمور الآسياوية.
(ماليزيا,تايلاندا, أندونيسيا )

الفشل في إقامة قاعدة صناعية متكاملة              (نتائج متواضعة)
                        تبعيّة ماليّة وتكنولوجيّة للخارج              (نتائج متواضعة)

ارتباط هام بالأسواق العالميّة والشركات عبر القطرية


تجارب تنمويّة مختلفة عرفتها دول العالم النامي


2* المنظمات الدوليّة ودعم جهود التنمية:
 أ * المنظمات الحكوميّة:
منظمة الأمم المتحدة: تضطلع بجملة من  الأهداف الإنسانية كمكافحة الأمراض خاصة مرض نقص المناعة المكتسبة والملاريا  وخفض حدة الفقر والرفع من نسبة التمدرس وإدماج الدول الأقل تقدما في التجارة العالميّة.
      رغم هذه المجهودات فانّ النتائج ظلت متواضعة لذلك بادرت منظمة الأمم المتحدة سنة 2005 بمطالبة الدول الغنيّة بشطب نسبة هامة من ديون الدول النامية ( 40 مليار$ من ديون 18 بلدا أغلبهم من إفريقيا ) ورغم ذلك لا تزال ديون دول الجنوب أهم معرقلات التنمية.
منظمة المساعدة من أجل التنمية:تمنح هذه المنظمة مساعدات للدول الأقل تقدما لتمويل مشاريعها التنمويّة والمشاريع الهامة ( البنى التحتيّة,تجهيزات اجتماعيّة...).
- بلغت هذه المساعدات سنة 2006 حوالي 301 مليار$ لكنها تظل ضعيفة هذا فضلا عن أنّ بعضها مشروطة ( لا تستطيع الدول المتلقية توظيفها وفق اختياراتها ).
أ * المنظمات غير الحكوميّة:
- للمنظمات غير الحكوميّة ( الهلال الأحمر,الصليب الأحمر,أطباء بلا حدود...) دور هام في تخفيف معاناة الشعوب النامية خاصّة عند حدوث الكوارث.
- بالتوازي مع المنظمات الانسانيذة تنشط منظمات غير حكوميّة أخرى مثل ( التضامن جنوب ) وهي تسعى للضغط على الحكومات من أجل ارساء أسس تجارة نزيهة تراعي مصالح دول الجنوب كما تعمل على تمويل بعض المشاريع التنموية في بعض الدول الاقل تقدما في العالم.

                       
المنظمات غير الحكوميّة تعمل بدورها على دعم جهود التنمية في الجنوب والتخفيف من معاناته.

خاتمة :
انّ تباين القدرات الإنتاجية وشدّة الفوارق الاجتماعيّة بين الشمال والجنوب يجعل من الشعارات العالميّة المنادية بـ"القرية الكونيّة" و"العولمة" تحديّات صعبة المنال طالما ظلت دول الشمال متمسكة بمصالحها ومهما اختلفت وتعددت التجارب التنمويّة لدول الجنوب.